beforeheader desktop & mobile

beforeheader desktop & mobile

afterheader desktop & mobile

afterheader desktop & mobile

الإنصـاف

لعلها مفاجأة من العيار الثقيل لكثيرين ممن تتبعوا ما صدر عن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في برنامج “حوار” من موقف إيجابي تجاه حزب العدالة والتنمية، حيث عبر فيه عن قدر عال من الإنصاف والتقدير للسلوك السياسي لهذا الحزب مع تسجيل جوانب الاختلاف القائمة معه وفق قواعد التنافس الشريف. كما رفض ما أسماه “شيطنة” الحزب أو وضع خط أحمر في التعامل معه، فضلا عن استهجانه غير المباشر لما يجري من تنكر لمواقفه في مواجهة الانحرافات السلطوية أو مخاطر اللاستقرار بعد “الربيع العربي” أو ضمان بناء التعاقد الدستوري الجديد لمصلحة تحول تدريجي يحفظ الاستقرار ويحقق الديموقراطية. قيمة هذه التصريحات أنها جاءت يومين قبل افتتاح الدورة التشريعية وأسابيع بعد مشروع التجييش السلطوي الذي بلغ أوجه بإعلان التحالف الحزبي الأخير لـ8 مكونات.
قد لا تكون مفاجأة بالنسبة للبعض، وربما متوقعة باعتبارها الحد الأدنى الممكن للرد على التحالف الأخير، لكن بالنسبة لقطاع معتبر من الحقل السياسي وجد نفسه بين خيارين إما معي أو مع أعدائي، فإنها مثلت ناقوس إنذار ضد انحراف سياسي سلطوي جديد أخذ يتصرف بمنطق استكمال الإقصاء الممنهج للفعل السياسي للحركة الإسلامية واعتبارها مسألة وقت لا غير، بل والمسارعة إلى استدراج باقي مكونات الحقل السياسي الحزبي من أجل ذلك الإقصاء.
اليوم، نحن إزاء تذكير جديد بحقيقة من حقائق التوازن السياسي الوطني، تعبر عن استنكار صريح لمنطق الشيطنة الذي يستهدف الحركة الإسلامية المعتدلة، ورفض دفع البلد لفقدان أحد عناصر قوتها في مواجهة تحديات السلطوية والفساد والاستقرار والتجزئة، وكذا محاولة افتعال المسوغات السلطوية لذلك، وإدخال الحياة السياسية في دوامة الاستنزاف والصراعات الوهمية خدمة لاستراتيجيات الإبقاء على الوضع الراهن واحتواء مطالب الإصلاح الديموقراطي وتجديد البنية السلطوية وما يرتبط بها من شبكات الفساد والريع.
لا نحتاج هنا للتذكير مرة أخرى، أن رصيد المشاركة السياسية للحركة الإسلامية معروف وشاهد بنفسه على فعاليته في دعم الإصلاح والاستقرار، لكن ما صدر في برنامج “حوار” يفرض تذكير المشتغلين في استنساخ النموذج التونسي الاستئصالي البائد مع رحيل بن علي بأن مناورات هذا الاستنساخ مآلها الفشل، لسبب بسيط يعود إلى ما يعرفه الحقل الحزبي المغربي من مناعة ضد هذا المنطق، وهي مناعة اكتسبت منذ عقد الستينيات وجربت محاولة استنباته بعد التفجيرات الإرهابية لـ16 ماي وفي كلا الحالتين كان الفشل الذريع مآل دعاته هذا المنطق الإقصائي.
إنها رسالة تذكير أخرى فهل من مستمع؟
مصطفى الخلفي

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد