beforeheader desktop & mobile

beforeheader desktop & mobile

afterheader desktop & mobile

afterheader desktop & mobile

بن علي، مبارك، القذافي، وغيرهم .. شكر الله سعيكم

لم يكن المواطن الليبي الذي سردَ كيف اعتقلَ في الساحةِ الخضراءَ بطرابلس عام 1974 لأنه خرج في مظاهرةٍ ضد العقيد، ثم تساءل على الهواء بعد 37 عاماً في نفس المكان: “أنا قاعد ومعمّر وين؟”

إلا تشخيصاً لحالةٍ مرعبةٍ تسود النظام العربي الرسمي الآن، بعد نجاح ثلاث ثورات.. فاز فيها الشعبُ وخسرَ الحاكم.

القذافي، الذي تلبّسَ ثوبَ الثوّار، تحوّل إلى مهرّجٍ من الدرجة الأولى، تاجرَ بالثورة، حتى ظنّه كثيرون خاصّة منا نحن الجيل الذي عاش للوحدة، يشبه تشي جيفارا، وحين كبرنا، لم نرَ فكراً ثورياً، بل وجدنا صورةَ مهراجا، يلعبُ بالمال، ويبددُ الثروات، ويفتعلُ المشاكل مع “طوب الأرض”، بأكاذيبَ وكوابيسَ وهلوساتٍ استمرت 40 عاماً، وللأسف كانت على حساب الشعب الليبي المغلوب على أمره.
وحين انهار باب العزيزية، تجلت نفس الصورة، التي حاول أن يتلبّسها حاكمٌ عربيٌّ آخر، كان اسمه صدام حسين، صحيح أنه واجه المشنقةَ بشجاعةٍ، لكن نظيره الليبي، مارَسَ نفسَ الاختباء، ونفسَ الهروبِ، ونفسَ الخطبِ المترهلةِ، عن المقاومةِ، ودحر العدوان، حتى عندما خرجَ ابنه سيف الإسلام قبل أيام، فإنه كرر نفسَ أسطورةِ خروجِ صدام بين الجماهير قبل أن يختفي يومَ سقوطِ بغداد. ليظهر بعدها في القفص.
***
بين بغدادَ وطرابلس، خيطٌ رفيعٌ من الديكتاتوريةِ وأوهامِ الزعامة، وما بين ساحة الفردوس حين أزيل تمثال صدام، وبين الساحة الخضراء، تكرّر نفس المشهد، مواطنٌ ليبيٌّ ينهالُ بالنعالِ على صورة “ملك الملوك” في حادثةٍ سبق أن فعلها قبل ثماني سنوات مواطنٌ عراقيٌّ، النعال أيضاً على صورة الأخ القائد، فيما آخرون يرقصون بهستيريا على آخر ما تبقى من “حدوتة” الزعيم!
انهارت صورة العقيد، وبقيت حكايا الاختباء والفرار أضحوكة لزعيمٍ طالما تشدّقَ بالشجاعة، ليس مُهمّا عبر أي نفقٍ مظلمٍ، فيما صوتهُ يأتي من العالم الآخر، أو تحت الأرض، يدعو للثورة وزحف الجماهير، حارة حارة، بيت بيت و”زنقة زنقة”، لتتحوّل الثورة إلى محاولة هربٍ كبير، بعدما انتهت الأساطيرُ وسقطت القلاعُ وانهارت الأكاذيبُ التي روّج لها يوماً “كتابٌ أخضر”، فيكون الجواب غير شفيعٍ بالمرّة أمام أعمالٍ سوداء.. حتى لو ارتدى ذات يومٍ قفازاً أبيض، أو استعانَ بفراشاتٍ من عيّنةِ شهرزاد ليضمنَّ له الحمايةَ والبقاء.
إنها نفسُ النهاياتِ السوداءَ، لخرافاتٍ باتت سيّدةُ المكان، طيلة 40 عاماً، أوهامٌ تكبر، وخفافيشٌ تستأسد، دون أن تدري أنها في النهاية فقاعاتٌ، سرعانَ ما تختفي مع أول ضوءٍ للنهار.. ونكتشف في ذات الوقت أنه لا مكان لأي “هُبل” آخرَ، يحاول خداعَ مواطنيه، ويتصرّف كإلهٍ، بينما الشعبُ الذي شبعَ من وجباتِ القهرِ اليومية، أفاق ليجدَ أن “الثائر” المزعوم لم يكن ثائراً، وأن المناضلَ لم يكن مناضلاً.. لقد كانَ كغيره مجردَ تاجرٍ وباحثٍ عن السّلطةِ ومزيدٍ من الغنائم..
انتهى القذافي، كما انتهى آخرونَ غيره، دون يتعلموا.. أنْ قد تبينَ الخيطُ الأبيض، إذ سقطَ قبله كل مَن رفَعَ العصا في وجهِ شعبه، ولم يستمع إلا لصوته، ولم يرَ إلا صورته.
ابن علي.. مبارك، القذافي، وغيرهم.. منهم من قضى نحبه.. وهناكَ من ينتظر.
شكر الله سعيكم!!

محمد هجرس ا

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد